بصراحة الحوار طويل اوى بس ممتع وماشاء الله علية ردودة روعة
في هذا الوقت من بعد الظهر حيث من المقرر أن تكون مقابلتنا، و خلال الساعة التي تأخر فيها مصطفى زماني، وجدت أثناء مروري بين صفحات الإنترنت اللامتناهية التي تفتح لك عند البحث عن "ممثل دور سيدنا يوسف (ع)"، أن مصطفى زماني حقيقة وقف لأول مرة أمام الكاميرا ليصبح "يوزارسيف" في الساعة 11 من صباح يوم 8 بهمن 1383 (27 يناير 2005) و يشاء القدر أن يكون يومنا هذا هو 8 بهمن أيضا.
أربع سنوات و بضع ساعات يمكن ألا تكون زمانا طويلا ليتغير فيها مصير شخص إلى هذا الحد.. من كونه أحد الثلاثة آلاف الذين أجري لهم الإختبار لدور يوسف (ع) و لم يتم قبولهم، إلى كونه هذا الشاب الواثق بأعوامه السبعة و العشرين الجالس أمامنا يتكلم بهذا الشكل الجميل عن العشق و عن كل شيء حتى لكأنك تقول أن شيئا من روح النبي يوسف (ع) قد حل فيه.
مصطفى لم يكن يذكر أن اليوم هو الذكرى الرابعة له في دور يوسف (ع). حتى عندما سألناه كم هو اليوم شك ما بين 9 و 8.. فقط عيناه الخضراوان لمعتا و قال: معك حق لقد غاب عن بالي.
هل تعلم اليوم هو كم من بهمن؟
ثمانية. لم؟
ثمانية بهمن ليس يوما خاصا بالنسبة لك؟
(يفكر...)
أنسيت 8 بهمن سنة 83؟
(يضحك) لم أنس. لكن غاب الآن عن بالي. في هذا اليوم قبل أربع سنوات، وقفت لأول مرة أمام الكاميرا. يعني في 8 بهمن 83 مثلت أولى لقطاتي في مسلسل سيدنا يوسف (ع).
الآن الساعة هي 6 بعد الظهر أما أنت فقد كنت يومها في عملك منذ 11 صباحا. في مثل ساعتنا هذه كيف كان حالك؟ هل كنت متوترا؟
لم أكن متوترا لكن كنت متعبا. صورنا ثلاث أو أربع لقطات و في مثل هذه الساعة كان العمل قد انتهى. إنه الشتاء و الظلام حل سريعا و ذهبنا لأخذ صور الملابس من أجل السجلات.
عندما أنهيت عملك من تحدث إليك؟ عن أنك كنت جيدا، لم تكن جيدا، كيف كان العمل و...
عادة عندما تعمل لأول مرة، لا يأتون إليك و يقولون أنك جيد أو لست جيدا. يحاولون بتصرفاتهم أن يعطوا الإنسان الثقة بالنفس بأنه فكر أنه ينبغي أن يكون بالك مرتاحا. عادة يتركون إبداء التعليقات حتى يمضي بعض الوقت.
في كل الأحوال لا بد أن يعطوا الثقة بالنفس لممثل شاب.
كنت قد وقعت العقد للمشروع قبل سبعة أشهر من ذلك و في تلك المدة كنت تقريبا قد أصبحت رفيقا لكل فريق العمل لذا لم يكن لدي توتر من هذه الناحية لكن ضغط الدور بحد ذاته كان كبيرا علي. في ذلك الوقت حين وقفت أمام الكاميرا كنت تقريبا في الثانية و العشرين و كنت أعمل في مشروع قيل أن كلفته سبعة مليارات تومان (سبعة ملايين دولار). انا لا اقول أنني الآن جيد أم لا و لكن كان كافيا أن لا يلقى مؤدي دور يوسف (ع) جوابا. يعني إذا أجاد كل العاملين في عملهم و مؤدي دور يوسف (ع) لم يلقى صدى لما كان لدينا مشاهدون و لكان المسلسل كله تلقى ضربة كبيرة قطعا و طبيعي أنه في ذلك الوقت كان الضغط علي. لا أريد القول أنه كان لدي مقدرة كبيرة لكن في كل حال كان لدي طاقة للعمل لكن في تلك السن مهما كنت تملك من قدرة فأنت عاجز. في النهاية تصل إلى: إلهي لقد بلغت مجهودي، أنت ساعدني. هذا لا علاقة له بالدور. أمام كل المطالب و التوقعات التي ينتظرونها منك تصبح ضعيفا و تقول لنفسك يعني أنت لديك القوة لتحمل هذا العبء؟
تصبح مثل بيت الشعر المعروف: "بارغم عشق اورا، گردون نيارد تحمل / چون ميتواند كشيدن، اين پيكر لاغر من" (ثقل غم العشق لا يستطيع مثلي تحمله / لأنه قد يسحق جسدي الضعيف هذا).
بالضبط. كنت أعرف أنه لا يجب أن أفكر بهذا. وحشى بافقى يقول: "رهم را منتهايي نيست، زان رو ميرود مقصد / اگر ميداشت پاياني منش يك گام ميكردم" (طريقي لا نهاية له فالسنديان يعلو نحو مقصده / و لو كان مقصدي نهاية الطبيعة فسأخطو خطوة نحو الآمام). الطريق أمامي كان بلا نهاية و حاولت أن يكون عملي مصداقا لهذا الشعر: "چون مرد رهي ميان خون بايد رفت / از پاي فتاده سرنگون بايد رفت / تو پاي به راه نه و هيچ نپرس/ خود راه بگويدت كه چون بايد رفت" (لأن الرجل وسط الدماء فعليه أن يمشي / و لو تعثرت قدماه فعليه أن يمشي / لا تسأل عن شيء و قدماك على الطريق / هو الطريق سيخبرك كيف عليك أن تمشي). كان الطريق موحشا و طويلا جدا لكن كان علي أن أفكر إن كنت أريد أن أسلكه بأنه حتى و لو كان الطريق مليئا بالدماء و ليس لدي إلا يداي و رجلاي فقط فيجب أن أكمله. عندما تدخل بهذه الإرادة فإن الطريق بنفسه سيقول لك كيف عليك أن تسير.
هذه الروح القتالية هل وجدتها في تلك الأشهر السبعة التي وقعت فيها العقد و لم تكن قد بدأت العمل بعد؟
هذه ليست روحا قتالية. الناس تمرر الشخصيات كل في مصفاته الخاصة ثم يظهرونها للآخرين. حين أريد إظهار الحب و العشق، فإن 60% مما أظهره مرتبط بالتصور الذي يمتلكه مصطفى زماني عن الحب و العشق، و 30% مرتبطة بالحب الذي يتطلب الدور إظهاره، و 10% مرتبطة بما يحسه المخرج. يعني أن اعتقاد الناس عن الحب يختلف من فرد لآخر. هذا الإعتقاد يتشكل على مر السنوات و بناء على التجربة التي يملكها مصطفى عن الحب. فالحب الذي يظهر، دائما له خلفية ما. لقد سعيت دوما طوال حياتي أن أصمد أمام ما أعتقد به و أن أفعل ما يرضاه قلبي. دائما أقول أنني قد تعلمت أن أكتب المسودة بقلبي وأصححها بعقلي، لأن عملي هو الفن و في الفن إن قسنا كل شيء بالعقل فسيفسد كل شيء و ينهار. الكثير من عروضات العمل أتتني و رددتها و ربما أزعج ذلك الكثيرين أنه لماذا فعلت ذلك.
ألم تنظر للدور السلبي أو الإيجابي؟
لا. ينبغي أن ألاحظ الدور و إن أحسست به عندها أقوم به. إذا أتى ألف شخص و قالوا أنه دور جيد جدا، لا أستطيع أن أقوم به إن لم يشدني. إلا إن أتاك مرة سيناريو و رأيت أنه لم يشدك كثيرا لكن مخرجه مخرج كبير. في تلك الحالة تقول أن هذا فلان و تقول في نفسك أنه لا بد بسبب قلة معرفتي لم أستطع التماس مع الدور. فلأترك نفسي تحت يديه ليأخذ هو التمثيل مني.
about 3 months ago · Report
#
Miro Haidar
قلت أن الحب أو العشق يمر عبر مصفاة ذهنك. الحب الذي مثلته في المسلسل كان حبا في نطاق حياة نبي. مصطفى زماني في 22 من عمره، كيف استطاع أن يمرر مثل هذا الحب في مصفاة ذهنه و يعبر عنه حقيقة و لا يخاف؟
الواقع أن الخوف موجود دائما، لكن عادة إما قبل القيام بالعمل أو بعد الإنتهاء منه و حينها يقول الإنسان لنفسه: يا إلهي، هل قمت أنا بهذا؟ الإنسان أثناء القيام بالعمل يعاني أقل من هذا الخوف. أنا أسعى عادة في الحياة لأن أكون إنسانا أولا ثم بعد ذلك أكون أي شيء أريده. كل من حولي يعرفون أن الفن بالنسبة لي هو أحد العناصر التي تساعدني على أن أبقى إنسانا. أحب أن أكون إنسانا يقول عني الآخرون بعد أن أرحل من هذه الدنيا فلان كم كان إنسانا جيدا، لست متعلقا بأن يقولوا كم كان فنانا جيدا. أسعى لأن يكون الفن فرعا أمدد به إنسانيتي. في هذه الحال من الممكن أن أكون فنانا، أكون عاملا، أكون موظفا أو أي شيء آخر. عندما تفكر بمفهوم الإنسانية تصبح قريبا جدا من الفطرة. كلنا نحب الأشخاص الذين يتكلمون من قلوبهم و تقريبا يمكنني القول بأن أرواح الناس قريبة جدا من بعضها البعض. كلما وجدوا الصفاء أكثر كلما كان القرب أكثر. أرواحنا هي مثل لوحة خالية و نحن بناء على المعارف التي نحصلها و الفضاء الذي يحيط بنا، كل شيء من ذلك ينقش أثرا على تلك اللوحة و بعدها يمكن أن تصبح تلك اللوحة إنسانا سيئا ليس بلوحة جميلة أو تصبح إنسانا جيدا. إن أردت في أي وقت أن تقترب من أصلك فإن استطعت أن تمحو كلا من تلك الخصال فستصبح أشبه بالأصل. حين يعود الناس إلى أرواحهم، فإنهم يؤمنون بالصدق، يؤمنون بالعشق و يؤمنون بكل شيء. يعني حين تعود بطريق البرهان إلى الخلف فإنك تصل إلى حقيقة ما جرى. لقد حاولت أن أسلك بطريقة يصدق من خلالها المشاهد بأن هناك حوارا لنبي.. يعني إن لم أُصدق أنا فالمشاهد أيضا لن يصدق. حين أقول "آمنوا بالله" فيجب ان أكون في تلك اللحظة مؤمنا بالله و معتقدا به. يعني وظيفتي هي أن أؤمن أنا أولا ثم المشاهدون.
في ذلك الوقت كنتَ أصغر سنا أيضا و الإنسان كلما كان أقرب إلى الطفولة كلما كان أقرب إلى الأصل و إلى ما أسميته أنت مسودة القلب. يعني السنين التي يعمل فيها بقلبه.
إني أحاول أكثر أن أكون طفلا. أؤمن بأننا يجب أن نكون في صداقاتنا أولادا و في أعمالنا أشخاصا محض منطقيين. مع أي إنسان، حين تريد أن تكون صديقا، كن صديقا، لا تكن سياسيا. الأولاد حين يضحكون، يضحكون، و حين يبكون، يبكون. إذا كان صديقك تعيسا و دامعا أمامك و هو المدير التنفيذي في المكان الفلاني، فلا تقل أن المدير التنفيذي في المكان الفلاني يبكي. دعه يبكي لأنه صديقك. لقد حاولت أن أقترب من أصلي و نفسي من أجل أن أؤمن بما أقوله ثم بعدها أظهر ما يتعلق بروح القصة بمراعاة سلسلة من التقنيات التي تتشكل فيما بعد. روح القصة، روح الأحداث، روح الشخصية التي تمثلها و روحك أنت تجتمع و تصبح ذلك الشيء الذي تقدمه للناس و إلا فإن أحدا لا يمكنه نعوذ بالله أن يصبح نبي الله. أنا ممثل و وظيفتي هي أن أؤدي هذا الدور بشكل جيد و بناء على ذلك حاولت أن أتجه إلى أصل نفسي و إلى ما أؤمن به. اتجهت إلى الطبيعة. استخدمت عجزي و قللت كثيرا جدا و بشكل كبير علاقتي بالناس. يمكنني القول أنني أمضيت هذه السنوات الثلاث وحيدا. في إحدى المرات أتيت لنفسي و وجدت أنني جالس في البيت منذ سبعة أو ثمانية أيام دون أن أخرج حتى لأغير الجو أو لأشتري شيئا.
في ذلك الوقت كان المسلسل ما زال قيد التصوير و لم يعرض بعد و لم يكن أحد يعرف لماذا كنت تتصرف بهذه الطريقة و لماذا أصبحت منغلقا على نفسك بهذا القدر.
الحقيقة أنني إنسان شديد الحذر حول ما يوجد في قلبي. مع كل شبابي أحس و كأنني عانيت لسنين لأنال هذا الإحساس. أؤمن بهذه الجملة و دائما أقول لنفسي أنه: "بدلا من أن يحتضنك الناس، دع الله يحتضنك". أحيانا حين ينتابني الغضب من الناس و من مواقفهم تحضر هذه الجملة في ذهني. أقول لنفسي لم تريد أن يحتضنك الناس؟ دع الله يحتضنك. هذه الكلمات حين تخرج تبدو و كأنها شعار و أفضل ألا أتحدث في هذه الأمور. تذكرت شيئا آخر أيضا. هناك سؤال لم أجب عنه في أي مقابلة و لن أجيب عليه حتى و لو سئلت عنه في برنامج تلفزيوني مباشر. أنه: "ما هو التأثير الذي تركه عليك دور يوسف (ع)؟". لم أعط جوابا لهذا السؤال و لن أعطي لأن التأثيرات التي تركها هذا الدور علي هي بالمقدار الذي مهما قلت لو أمام الإنسان الأكثر تنورا، لو أحس بنسبة واحد بالمائة أنها شعار، فهذا الواحد بالمائة يؤذيني. إنه شيء أحسسته أنا لا أحدٌ غيري.
كنتَ مجبورا قدر ما تستطيع كبشر غير معصوم أن تقترب من دور النبي يوسف (ع).
دائما ما يسألونني كيف قاربت دور يوسف (ع). أظن أن هناك جوانب مختلفة يمكن أن تبحث لكن كل القصة هي أنني أتيت أولا إلى نفسي لأعرفها. "الأنا" في كل منا هي من صنع الله. كلنا حين نأتي إلى هذه الدنيا يكون اختلافنا عن البشر الطاهرين العظماء هو لا شيء. بنيان خلقتنا نحن البشر هو واحد لأن الله عادل و خلقنا جميعا بنفس الطريقة. لذا كلما عدنا إلى الخلف و عدنا إلى أنفسنا و باطن أنفسنا، كلما صرنا أكثر بكرا و عافية و سلامة، و عندما نصبح أسلم حينها نفهم العشق أفضل و نحس بعاطفة المحبة أكثر.
هذه الكلمات التي تقولها تجعلني أؤمن أنه لم يكن جمال الوجه فقط هو الباعث وراء اختيارك لأن أهم جزء مما حصل هو على الأقل أن عينيك خضراوان و هم لم يكونوا يريدون ممثلا ذا عينين خضراوين. حتما كان هناك أشياء في شخصيتك كانت سببا لجذب و جلب اعتماد المخرج.
قبل أن أمثل دور سيدنا يوسف (ع) كانت لدي نفس هذه الإعتقادات و كنت أقول نفس هذا الكلام. دوما كنت أؤمن أن الطبيعة أكرم من الناس و أن الذي خلق كل هذا العالم هو أرحم بنا بكثير بكثير من حتى أعز الناس لدينا. أحدهم سألني أي الأشياء في قصة يوسف عجيب بالنسبة إليك. قلت أن أعجب و أهم جزء، هو أن حياتي قبل أربع سنوات مقارنة بحياتي الآن كانت تماما مثل ما أصبح يوسف (ع) عزيز مصر. قبل أربع سنوات كنت طالب جامعة عاديا و الآن يسألونني ما هي وجهة نظرك في مختلف الآمور. دائما ما أشكر الله سبحانه و تعالى أنه يراد مني إظهار رأيي و أنني أستطيع أن أقول الأشياء التي كنت أفكر بها لسنوات. هذا بحد ذاته محل شكر لله سبحانه و تعالى بالنسبة لي. مرارا و تكرارا قالوا لي و سألوني أنه يا سيد هل أخذت مبلغا كبيرا من المال، حتى كنت مجبورا أن أقول أنني وضعت إمضائي أسفل تلك الورقة البيضاء و قلت أي قدر تودونه فأعطوه.
لو كان الأمر الآن فهل ستضع إمضائك من جديد؟
نعم، دون شك.
"يوسف في مرآة التاريخ" من الذي كتبه؟
توماس مان الألماني.
هل كنت قد قرأت هذا الكتاب؟
نعم.
حين أردت أن تذهب للاختبار جلست وقرأت هذا الكتاب ثانية؟
لا. هذا الكتاب كنت قد قرأته قبلا ثم عدت لقراءته من جديد. كنت أتحدث مع صديق مؤهل و قال أن توماس مان سيكون المصدر الآفضل. لقد قرؤوا على مدى خمس سنوات من أجل هذا السيناريو المئات من الكتب. و لو تمت قراءة المزيد و أبدى شخص رأيه فسيصلون في النتيجة إلى أنه بأخذ جميع الأشياء بعين الإعتيار فإن هذه النسخة يعتمد عليها. الممثل حين يسمع "صوت، كاميرا، حركة" لا يعود يعيش بعقله الواعي، يعيش تمثيله أكثر بعقله اللاواعي. إنك تأخذ ذهنية معينة، و حين تأخذها، فإن النقطة التي تريد الوصول إليها ستؤمن بها لاحقا. حين يكون هناك مخرج فإن علي أن أمثل له و حسب أفكاره.
قصدي كان في الوقت الذي أردت أن تذهب فيه إلى الإختبار. حين كنت لم تر السيناريو بعد؟
لا.
في حين كان من الطبيعي أن تذهب و تقرأ هذا الكتاب الذي كان موجودا في مكتبة الوالد أو على الأقل أن ترجع إلى القصة في القرآن؟
الظروف السيئة التي كنت فيها هي أنني حين أديت الإختبار أصلا لم أكن أصدق. تظن هذا الأمر حدث عدة مرات في السينما و التلفزيون أن يمثل شخص في الثانية و العشرين من عمره دور أحد: الطفل الذي في السابعة من عمره سمع بإسمه و يعرفه، المنشد يعرفه، العاشق يعرفه، عالم الدين يعرفه، البقال يعرفه و العالم يعرفه.
و هو أحد الأنبياء القليلين الذي يوجد في نطاق حياته العشق أيضا.
تماما. النبي ااوحيد الذي باستطاعتك أن تبحث في كل جوانب حياته و تحظى بمتعة بالغة. إنني أعشق حقا بعض المشاهد الأخيرة. المشاهد المرتبطة بوصول يوسف (ع) إلى أبيه و تعريف نفسه لإخوته و كذلك مشهد اللقاء مجددا بزليخا. هذه المشاهد لطالما هزتني. لا أستطيع أن أراها دون أن أذرف الدمع.
هل رأيتها؟
نعم. لأننا نذهب من أجل المراجعة. إنها مؤثرة. يمكنني القول بجرأة لو أن إنسانا يعرف عشرة بالمائة من رائحة العشق فإنه سيتأثر.
إلا إن لم يكن قد اتجه بقلبه إلى الله.
بلى. لا تشك بأن العمل يمكن أن يكون من الناحية الفنية و من كل النواحي جيدا لكن إن لم يكن فيه قلب فلن يصل أصلا. كل فن هو هكذا. الرسام الذي لا يرسم بقلبه يغمره النسيان. كان لدينا بضعة آلاف من الناس أتوا و ذهبوا، لدينا بعض الممثلين أتوا و ذهبوا، أؤلئك الذين يحترمون الجانب الإنساني و يعيشون و يعملون بقلوبهم يبقون. الفن يجب أن يكون سببا في صقل أرواحنا. لقد تعلمت هذا في هذه السن من الكبار. حين يقول پرويز پرستويي أنني لأربع عشرة سنة كنت أذهب مشيا على قدمي إلى مسرح المدينة و أعود فليس قصده أن قدمي كانتا تتعبان و أنني تحملت الكثير من المصاعب. أحس أنه في هذه السنوات الأربع عشرة التي مشى فيها ذهابا و إيابا، و كأنه فكر لمائة و أربعين سنة، و عانى لمائة و أربعين سنة و سبر وجوده و روحه لمائة و أربعين سنة حتى وصل إلى الصفاء و من أجل هذا حين يقول حوارا نجد أننا نحبه إلى هذا الحد.
أن تستطيع أن يكون لك مثل هذه الإعتقادات لا بد و أن يكون ذلك بسبب أنك كنت تفكر بها منذ طفولتك، أما كونك تستطيع أن تعبر عنها بهذه الجودة فحتما هذه السنوات الأربع كانت سببا لأن يكون لديك مثل هذه الثقة بالنفس. مقصودي هو أنك الآن يمكنك أن تعبر عن رأيك براحة و أناقة.
هذه السنوات الأربع هي عصارة. حينما تفكر بشكل دائم يكون ذلك سببا لأن تصل إلى هذه المسألة. حينما تتراجع و تتخلى عن نفسك، فإنك ترفضها. البعض يقولون إقرأ الكتب، إعمل العمل الفلاني و ... أنا أقول: الجملة التي تستقر في قلبك، أي جملة تكون، إسعى إلى أن تفكر بها دائما و تطبقها. إن ثابرت على تطبيق هذه الجملة، فسنرى أنه سيلزمك ثلاثون سنة لتصل إلى الإيمان بها. على الأقل ثلاثون سنة. مثلا كلنا نقول لبعضنا "حاول أن تكون صبورا". يا سيد يلزمك ثلاثون سنة حتى تصل إلى هذا.
إذا فأنت لم تصل بعد إلى الإيمان، لأنك لم تصل بعد إلى سنتك الثلاثين.
(يضحك) لقد تعلمنا كل ذلك و نقرأ كتبا عدة و ... إن ذلك يتطلب وقتا. يجب أن تعيش معه. أنت تطالع لكي تفهم الحب و العشق تجاه الطرف الآخر لأن المعاني لم تكتمل لديك. أقول لأحد ما هو الحب فيقول أنني رأيت فتاة في الشارع كانت جميلة جدا و لا أستطيع تحمل أن تكون متعلقة بأحد غيري. نقول لإنسان متدين ما هو الحب فيقول الحب هو حينما تقرأ دعاء كُمَيل و تصل إلى المقطع: "إلهي ليس لي رأسمال سوى الرجاء و لا سلاح سوى البكاء". نقول لأحد آخر ما هو الحب فينشد أبيات حافظ: "زلف آشفته و خوي كرده و خندان لب و مست / پيرهن چاك و غزلخوان و صراحي در دست / نرگسش عربده جو و لبش افسوسكنان / نيمهشب دوش به بالين من آمد بنشست" (أشعث الخصل متصبب الوجه باسم الشفتين ثمل / ممزق الثوب يغني يمسك كأس عشقه في يده / يهيم نائحا و على شفتيه: واحسرتاه / نصف ليلة أمس أتاني و بقرب سريري جلس). أحدهم هكذا يرى العاشق. نحن نقرأ الكتب و نفكر لنستكشف العشق من كل هذا و من بين جميع وجهات النظر تلك لكي نستطيع أن نختار لقلبنا حبا و عشقا أجمل شكلا نستطيع به أن نحيا براحة أكبر و نصل إلى السكينة و الهدوء.
يعني فى الواقع تريد أن تحصل على المساعدة من مختلف العناصر من أجل أن تؤمن أكثر و أفضل.
بالضبط.
لكن مع هذا يجب أن تعود إلى قلبك.
نعم. يجب أن تؤمن بذلك.